ارتفاع مصطنع للبورصة تدفع تكلفته المؤسسات الحكومية

يستطيع أى متابع لتعاملات جلسة البورصة يوم الخميس الموافق الخامس من يونيو ، التى ارتفع خلالها مؤشر الأسعار بنسبة 7ر4 % ، زاد خلالها رأس المال السوقى بنحو 16 مليار جنيه ، أن يكتشف بسهولة سبب هذا الارتفاع الكبير .
وهو دفع المؤسسات المصرية للشراء لمساندة السوق ، حين نجد قيمة تعاملات شراء المؤسسات المصرية بالجلسة : 1 مليار و250 مليون جنيه ، والمؤسسات الأجنبية 25 مليون جنيه ، والمؤسسات العربية 3 مليون جنيه ، لتستحوز تعاملات المؤسسات على اختلاف تبعيتها ، على نسبة 62 % من اجمالى قيمة التعامل .
والمعروف أن تعاملات صناديق الاستثمار التابعة للبنوك العامة المصرية ، والتى تم تأسيسها بالخارج ، يتم احتساب تعاملاتها بالبورصة المصرية على أنها مؤسسات أجنبية ، ولا يتم التفريق بين تعاملات الأجانب الحقيقيين والأجانب المصريين ، ونفس الأمر باعتبار تعاملات الأفراد المصريين المقيمين بالخارج على أنهم أفراد أجانب .
والغريب أن تعاملات الأفراد المصريين والأفراد العرب خلال نفس الجلسة قد اتجهت للبيع ، أى فى اتجاه معاكس لتعاملات المؤسسات المصرية .
- ولقد توقعنا سيناريو تدخل الحكومة المصرية لمساندة السوق قبل أيام ، حين ذكرنا أن نظام الانقلاب سيدفع بمحافظ الأوراق المالية بالجهات الحكومية ، للشراء لصنع ارتفاع للأسعار مصاحب لتولى قائد الانقلاب مقاليد البلاد ، حيث تملك البنوك العامة وصناديق التأمينات الاجتماعية والهيئات الاقتصادية محافظ أوراق مالية ضخمة ، وقيادات تلك الجهات يتم تعيينها من قبل الحكومة .
ولا يهم مسؤلى الانقلاب أن تخسر تلك الجهات الحكومية ، فى سبيل اصطناع ارتفاع لمؤشر الأسعار ، يستمر أثره الاعلامى حتى تنتهى مراسم التنصيب لقائد الانقلاب ، فى ضوء اجازة البورصة يوم التنصيب .
وذلك للإيهام بأن تولى قائد الانقلاب ، هو سبب ارتفاع الأسعار بالبورصة نتيجة تفاؤل المتعاملين بقدومه ! ، وينسون أن المتعاملين قد عبروا عن ترحيبهم به بعد معرفة فوزه فى جلسة الأحد الماضى أول يونيو ، حين خسر رأس المال السوقى حوالى 16 مليار جنيه .
- وأى مستثمر رشيد سيسأل ما هو المتغير الخطير الذى حول البورصة من خسارة بلغت نحو 38 مليار جنيه ، من رأسمالها السوقى خلال الجلسات الخمس المنتهية فى أول شهر يونيو الحالى ، لتتحول الى الربح بالأيام التالية ؟ ، بل ما هو المتغير الحاسم الذى حولها من خسارة 16 مليار جنيه فى بداية تعاملات الأسبوع الأخير ، الى ربح 16 مليار جنيه بالجلسة الأخيرة من نفس الأسبوع ؟ !
هل تم إلغاء الضريبة على الأرباح الرأسمالية ؟ وهل تم إلغاء الضريبة على التوزيعات ؟ ، بالطبع لم يحدث شىء من ذلك ، بل لقد تم اقرار ضريبة ال 5 % الإضافية من قبل الرئيس الذى كان مؤقتا ، خلال يوم الصعود المصطنع للبورصة .
فهل رأينا بورصة بالعالم تصعد مع فرض ضريبة إضافية ترفع الحد الأقصى للضريبة الى 30 % من الربح على الأفراد والشركات ؟ لكنه يبدو أن الانقلاب العسكرى قادر على صنع العجائب !
- وقد لا يعرف مسؤلى الانقلاب أن الأسعار المصنعة بأى سوق مالى يمكن أن تستمر لفترة ، إلا أنه سيأتى يوم ما ، سيصحح السوق نفسه لتعود الأسعار الى حقيقتها ، لتدفع المؤسسات الحكومية ثمنا باهظا وقتها عندما تنهار قيمة محافظها .
- لقد أصبحت البورصة المصرية بارتفاعها المستمر منذ الانقلاب فى يوليو الماضى ، أضحوكة لدى المحللين الماليين والاقتصاديين ، ونموذجا سيتم ذكره فى قاعات التدريب المالى ، كمثال واضح للتدخل الحكومى لمساندة السوق ، وللبورصة المنفصلة عن واقعها الاقتصادى والاجتماعى والسياسى .
الأمر الذى يسىء للبورصة المصرية مستقبلا ويقلل من مصداقيتها لدى المتعاملين ، نتيجة انفصالها عن الواقع الاقتصادى الصعب الذى تعيشه البلاد ، من عجز ضخم بالموازنة ودين محلى كبير ، وعجز مزمن بالميزان التجارى ، وتدنى بالتصنيف الائتمانى ، ونقص بالصادرات السلعية ، الى جانب الانقسام المجتمعى والتدهور الأمنى والاستبداد السياسى وتراجع الحريات .
وكان المشهد اللامعقول المتكرر عندما تصعد بورصة خلال وقت فرض حالة الطوارىء وفرض حظر التجول وايقاف القطارات ، لتشهد الصحف المصرية والنشرات الاخبارية الاذاعية والفضائية حدثا فريدا لم يسبق حدوثه عالميا ، عندما تتجاور وتتزامن أخبار المظاهرات والاعتقالات والقتل والسحل ، مع أخبار صعود الأسعار بالبورصة !